قوله جلّ ذكره: {وَفِى أَمْوَالِهِمْ حَقٌ لِّلسَّائِلِ وَالمَحْرُومِ} السائلُ هوالمُتكفِّف، والمحرومُ هو المتعفِّف- ويقال هو الذي يحرم نفسه بترك السؤال.. هؤلاء هم الذين يُعْطُون بشرط العلم، فأمَّا أصحابُ المروءة: فغير المستحق لمالهم أَوْلَى من المستحق. وأما أهل الفترة فليس لهم مالٌ حتى تتوجه عليهم مطالبة؛لأنهم أهل الإيثار- في الوقت- لكلِّ مايُفْتَحُ عليهم به.قوله جلّ ذكره: {وَفِى الأَرْضِ ءَايَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ وَفِى أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ وَفِى السَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ}.كما أَنَّ الأرضَ تحمل كلَّ شيء فكذلك العارف يتحمَّل كلَّ أحد.ومَنْ استثقل أحداً أو تبرَّمَ برؤية أحدٍ فلِغَيْبته عن الحقيقة، ولمطالعته الخَلْقَ بعين التفرقة- وأهلُ الحقائق لا يتصفون بهذه الصفة.ومن الآيات التي في الأرض أنها يُلْقَى عليها كلُّ قذارةٍ وقمامة- ومع ذلك تُنْبِتُ كلَّ زَهْرٍ ونَوْرٍ ,كذلك العارفين يتشرب كلَّ ما يُسْقَى من الجفاء، ولا يترشح إلاَّ بكل خُلُقٍ عَلِيّ وشيمةٍ زكيَّة.ومن الآيات التي في الأرضِ أنّ ما كان منها سبخاً يُتْرَكُ ولا يُعَمَّر لأنه لا يحتمل العمارة- كذلك الذي لا إيمانَ له بهذه الطريقة يُهْمَل، فمقابلته بهذه الصفة كإلقاء البذر في الأرض السبخة.{وَفِى أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ}: أي وفي أنفسكم أيضاً آيات، فمنها وقاحتها في همتها، ووقاحتها في صفاتها، ومنها دعواها العريضة فيما ترى منها وبها، ومنها أحوالها المريضة حين تزعم أَنَّ ذَرّةً أو (...) بها أومنها.{وَفِىلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ}: أي قسمة أرزاقكم في السماء، فالملائكة الموَكَّلون بالأرزاق ينزلون من السماء.ويقال: السماء هاهنا المطر، فبالمطر ينبت الحَبُّ والمرعى.ويقال: على رب السماء أرزاقكم لأنه ضَمنَها.ويقال: قوله: {وَفِى السَّمَآءَِ رِزْقُكُمْ} وها هنا وقف ثم تبتدئ: {وَمَا تُوعَدُونَ}.